» فنّ »
شاهدت فيلم Amy بعد ترشحه للأوسكار، أي منذ ما يقارب العامين، حفر علامات في روحي، وعاهدت نفسي على الكتابة عنه في يوم من الأيام، بل كان العنوان في ذهني قبل أن ينتهي الفيلم.
أسرتني آمي منذ بداية الفيلم، تلك المراهقة ذات الصوت القوي، والجسد الهزيل، والخط السميك الذي يحدد عينيها، وكيف حافظت على روحها البوهيمية حتى بعد نجاحها العظيم، وعلمت قبل أن أقرأ قصتها أو ينتهي الفيلم أنّ هذه الشابة الموهوبة مصيرها الموت، فلا العالم ولا جسدها يستطيعان تحمل هذا القدر من الموهبة سوى لفترة محدودة.
فيلم Amy وثائقي من إنتاج عام 2015، يتناول حياة آمي واينهاوس المغنية وكاتبة الأغاني البريطانية، حقق الفيلم إيرادات ضخمة للغاية وغير مسبوقة كفيلم وثائقي سواءً في المملكة المتحدة أو أمريكا، وترشح ل33 جائزة، فاز منها ب 30، منها أوسكار أفضل فيلم وثائقي.
فيلم Amy وثائقي قدم روح وتاريخ آمي واينهاوس
ربما سر نجاح هذا الفيلم الوثائقي كونه حقيقي بمعنى الكلمة، وقد تم صناعته من فيديوهات وأفلام خاصة بآمي وعائلتها منذ كان عمرها ثلاثة عشر عامًا.
حيث تعاونت عائلة آمي وأصدقائها مع مخرج الفيلم أسيف كاباديا بعد نجاح فيلمه السابق سينا إنتاج 2010، وسمحوا له بعقد لقاءات معهم مطولة.
ولكن والد آمي هو الوحيد الذي هاجم الفيلم بعد ذلك، حيث رأى أنّه أظهره شخصيًا بصورة سيئة، وركز على سلبيات علاقته بابنته، وشجع محبي آمي على مشاهدة اللقطات التاريخية لها في الفيلم. لكن لا يركزون على الصورة العامة التي يقدمها، وحتى بعد فوزه بالأوسكار أصر على أنّ الفيلمَ سيّئٌ.
يبدأ الفيلم بفيديو عام 1998 حيث كانت آمي لازالت في الرابعة عشر من عمرها، تغني مع أصدقائها في حفل عيد ميلاد، نتعرف على المراهقة الصغيرة الجميلة ذات الصوت القوي في تلك الفترة التي يعلم الجميع أنّها سترى النجومية يومًا ما، كما لو أنّهم بهذا الفيديو يرغبون في مساعدة مخرج الأفلام الوثائقية الذي سيؤرخ مسيرتها بعد سنوات قليلة.
ثم نقفز لسنوات، ونتعرف على ألبومها الأول الذي حقق نجاحًا ساحقًا وبدأ أسطورتها الفنية، ونتعرف جنبًا إلى جنب مع أغنياتها الناجحة على صراعاتها الشخصية، ومخاوفها ومن أين نبعت أغانيها.
آمي كانت روحًا هشةً أثقلتها الموهبة، عانت طويلًا من البوليميا وإدمان المخدرات وإدمان الخمور، بالإضافة لعلاقتها المضطربة مع حبيبها بلاك فيدلر الذي عشقته وتزوجته لعامين تم إلقاء القبض عليه خلالها، وقد كان أحد معاول الهدم سواءً لمسيرتها الفنية أو حياتها.
قدم الفيلم آمي بكل جوانبها، بمن تأثرت في بدايتها، قصة حبها وعلاقتها بأصدقائها وعائلاتها، وذلك التناقض العجيب الذي يظهر في كل مرة تقف أمام الكاميرات سواء للغناءً أو كاميرات الفيديو المنزلية، فهي خليط من فتاة خجولة ترغب في الاختباء بعيدًا عن الأضواء، وموهبة استعراضية مستعدة دومًا لخطف الأنظار.
ظلت في عيون آمي حتى النهاية تلك النظرة المنذهلة بكونها محط كل هذه الأضواء، وتستحق الشهرة الساحقة التي حظيت بها، ولكن كذلك راغبة في إكمال هذه المغامرة حتى النهاية، تعلم أنّ لديها الموهبة لكتابة الغنوة التالية التي تؤمن أنّها ستحطم نجاحاتها السابقة وتصبح الأفضل على الإطلاق، ويظهر هذا في ردود أفعالها عندما فازت بجائزة الجرامي عام 2008، ونظرة هل بالفعل أنا من تفوز بتلك الجائزة؟
قام مخرج الفيلم بعمل أكثر من 100 مقابلة مع أصدقاء آمي وأهلها؛ وذلك لتقديم فيلم واقعي تمامًا، بالإضافة لتسجيلات لم يتم عرضها من قبل لأغانيها خلال التحضيرات، وفيديوهات شخصية لها مع أصدقائها خلال رحلتها التي قامت بها بالسيارة معهم عام 2001.
نقد الفيلم :
فيلم Amy من أجمل الوثائقيات التي شاهدتها في حياتي وأكثرها صدقًا، استطاع بمنتهى الشفافية تقديم روح المغنية الراحلة، وقد كان شريط الصوت الخاص به رائعًا يحمل الكثير من الأغاني التي تم التعبير من خلالها عن مراحل حياة آمي المختلفة، وهو يستحق بالتأكيد الحفاوة التي حظى بها سواءً من المشاهدين أو النقاد أو لجان الجوائز التي تقدم لها.
وقد حصل الفيلم على تقييم 95% على موقع Rotten Tomatoes، و85 من 100 على موقع Metacritic، وسواءً كنت تحب هذه آمي واينهاوس، أم لم تسمع عنها من قبل فأنا أرشح لك هذا الفيلم لتشاهده، فهو ليس فقط فيلم يقدم حياة فنانة، ولكنه بالفعل فيلم جيد جمع كل عوامل نجاح الأفلام والوثائقية ويستحق المشاهدة.
0 تعليق على موضوع : فيلم Amy … وهل تحترق الروح من فرط الموهبة؟
الأبتساماتأخفاء الأبتسامات